الخميس، 25 سبتمبر 2014

اتفاق المصالحة في مدينة التل مهدد بالفشل بسبب المصالح الشخصية



في السادس والعشرين من شهر آب الماضي تم التوصل إلى اتفاق مصالحة بين قوات النظام السوري وأهالي مدينة التل بريف دمشق، والتي تقع تحت سيطرة فصائل المعارضة المسلحة، لفك الحصار الذي كان مفروضاً على المدينة مقابل تحييدها عن أية أعمال عسكرية مناهضة لنظام الأسد.

لكن، وبعد مرور نحو شهر على توقيع الاتفاق، لا يزال سكان المدينة، الذين يبلغ عددهم نحو مليون وربع شخص معظمهم من النازحين، يعانون من عدة ممارسات، من طرف عناصر قوات النظام وبعض الأشخاص المحسوبين على الفصائل المسلحة داخل المدينة، مما يجعلهم يفكرون في مدى قوة هذه المصالحة ومدى تواجد الرغبة الحقيقة لدى كافة الأطراف في استمرارها.


ظروف توقيع الاتفاق 

أوضح ناشط إعلامي من التل، طلب عدم الكشف عن اسمه، أن قوات النظام كانت قد فرضت حصاراً كاملاً على المدينة منذ تاريخ 21 آب الماضي، حيث تم قطع كافة الطرقات المؤدية إليها ومنع دخول أو خروج أي شخص، بما في ذلك منع إدخال أية مواد غذائية أو طبية إليها لأي غرض كانت، علماً أن بعض أجزاء المدينة لا تزال تحت سيطرة قوات النظام.

أضاف الناشط أنه بالتزامن مع تشديد الحصار عمدت قوات النظام إلى قصف بلدة عين منين القريبة من المدينة، كما طال القصف الجوي أطراف مدينة التل، وكذلك كانت تدور اشتباكات عنيفة بين الجيشين الحر والنظامي في بلدة تلفيتا القريبة أيضاً، وقد نزح بعض السكان من عين منين وتلفيتا إلى مدينة التل.

خلال تلك الأحداث، والتي تزامنت مع تصعيد النظام السوري من حملاته العسكرية على حي جوبر شرق العاصمة دمشق وأطراف الغوطة الشرقية، ظهرت دعوات بين المدنيين والناشطين المدنيين في المدينة طالبت فصائل المعارضة المسلحة بضرورة "ضبط النفس" وعدم التورط في معارك مع قوات النظام بسبب احتواء المدينة على نحو مليون لاجئ من مناطق متفرقة من دمشق وريفها وريف حمص ومنطقة القلمون، وذلك بالإضافة إلى سكان المدينة الأصليين.

في الخامس والعشرين من شهر آب جرت مفاوضات بين لجنة المصالحة من جهة وكل من التجمعات المدنية والعسكرية في مدينة التل من جهة أخرى، وفي اليوم التالي اجتمع الوفد مع أطراف في النظام السوري وتم التوصل إلى اتفاق مصالحة يقضي بانسحاب عناصر جبهة النصرة من المدينة مقابل فتح الطرقات المؤدية إليها، علماً أن لجنة المصالحة تضم عدداً من الشخصيات المعروفة اجتماعياً ودينياً في المدينة.



آراء السكان حيال الاتفاق

الغالبية العظمى من المدنيين والناشطين الذين تم التواصل معهم يرغبون في المصالحة، مبررين ذلك بأن المدينة تضم أعداداً هائلة من المدنيين، ولا جدوى في تعريضهم للقصف أو الحصار.

لكن، عبّر أبو محمد، أحد سكان المدينة، عن مخاوفه في حال خروج الجيش الحر من المدينة، إذ أشار إلى أن السكان "لا يأتمنون قوات النظام على حياتهم" ويخشون من قيامها اعتقالات واسعة وعمليات انتقام جماعية، كما حصل في مناطق أخرى، لذلك يطالب أبو محمد، وغيره كثيرون، ببقاء الجيش الحر في المدينة كضامن لهم من "غدر" قوات النظام بهم.

من ناحية أخرى يطالبون بعض الناشطين الإعلاميين والمدنيين فصائل المعارضة بطرد بعض العناصر في صفوفها وإخراجهم من المدينة، مطلقين عليهم وصف ـ"اللصوص" والذين اجتمعت في أيديهم عنصري المال والسلاح، فضلاً عن صلات بعضهم بأمن النظام، وقد انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي عدة صفحات يشرف عليها بعض شباب المدينة للتشهير بهؤلاء وممارساتهم، وذهب البعض إلى اتهام هؤلاء "اللصوص" بمحاولة إفشال الهدنة كي يحافظوا على "تجارة الحرب" الخاصة بهم.



هل تفشل المصالحة؟

على الرغم من الوصول لاتفاق المصالحة بتاريخ 26 آب، إلا أن قوات النظام لم تفتح الطرق المؤدية إلى التل حتى الثالث من الشهر الحالي، وحتى ذلك لم يكن كافياً، فقد تم فتح الطرق جزئياً، مع استمرار عناصر قوات النظام المتواجدين على الحواجز بـ"مضايقة وإهانة المدنيين" وفقاً لشهادة عدة سكان من هناك، كما قامت هذه الحواجز باعتقال عدد من الشبان خلال الشهر الحالي، حيث وصف أحد سكان المدينة الوضع بأنه يتوقف على "مزاج عناصر الحاجز" والتعليمات التي تعطى لهم.

من جهة أخرى، لوحظ ارتفاع وتيرة أعمال سرقة البيوت والمحال داخل المدينة، كما تم إحراق مكتب لجنة التواصل في العشرين من هذا الشهر، علماً أن المكتب مهمته خدمية بحتة ويعنى بتسيير بعض الأمور المدنية فقط، فيما وجد ثلاثة شبان من عائلة واحدة مقتولين في منزلهم قبل أيام.

هذه الأحداث دفعت بالكثيرين للتساؤل عما اذا كانت هذه المصالحة ستستمر فعلاً أو أن هناك بعض الجهات التي ترغب في العمل على إفشالها، سواء كانت ضمن صفوف النظام أم المعارضة، وذلك أن تهدئة الأمور قد تتسبب بـ"قطع مصدر رزق" بعض الأطراف، على حد تعبير ناشط من المدينة.


* تم نشر هذا التحقيق في موقع الحل السوري





ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق