الخميس، 22 مايو 2014

من دمشق “المحتلة” إلى ناشطي الخارج: “لسنا خونة”







انشغل مؤيدو بشار الأسد ومعارضوه منذ مطلع الشهر الحالي بحملات دعائية وأخرى مضادة في سياق الانتخابات الرئاسية المزمع إجراؤها بداية شهر حزيران القادم، حيث يركز المؤيدون على “الانتصارات” التي حققها الأسد في تصديه لـ”الإرهاب” بينما يطعن معارضوه في شرعية ونزاهة هذه الانتخابات التي “سيفوز فيها من قتل أكثر من 200 ألف مواطن وشرد الملايين منهم.”


معارضون يظهرون استيائهم من خطاب بعض الناشطين 


أعرب طالب جامعي يعيش في غرفة استأجرها في العاصمة دمشق عن أسفه لعبارات التخوين التي يطلقها ناشطون معارضون يقيمون خارج سوريا على من قد يشارك في التصويت في الانتخابات الرئاسية القادمة، مؤكداً على أن هؤلاء لا يعرفون شيئاً عن التضييق الأمني الموجود حالياً والتهديدات التي يطلقها عناصر الحواجز الأمنية لمن سيتم توقيفه حينها دون أن يكون قد شارك في عملية التصويت.

الشاب الذي طلب عدم الكشف عن اسمه يعيش في منطقة مزة جبل المعروفة بالتشديد الأمني فيها على اعتبار أنه تقطنها أغلبية من أنصار النظام الحالي وضباط في الجيش والأمن وعناصر في ميليشيات اللجان الشعبية وجيش الدفاع الوطني والشبيحة، وهو قد اعتقل مرتين من قبل قوات النظام في مدينتين مختلفتين خلال العامين الماضيين على خلفية مشاركته في المظاهرات المطالبة بإسقاط الأسد.

يقول الشاب: “هناك العشرات ممن يدعون إلى مقاطعة الانتخابات ويقومون بتخوين المشاركين فيها. أنا لن أنتخب ولو دفعت حياتي ثمناً لذلك، وهناك العشرات مثلي، ولكن ماذا عن البقية؟! هل يقدّر الموجودون في الخارج حجم الضغوطات الأمنية هنا؟” وتابع مبدياً بعض التوتر: “شبعنا شعارات ممن يبيعوننا بطولات كلامية ويحاولون تعليمنا ماذا نفعل. أنا أحترم كل الذين هربوا من بطش النظام إلى الخارج، لكن هناك من كان في الأصل بالخارج وبعضهم خرج دون مضايقات أمنية وبطريقة نظامية ليتحولوا هناك إلى منافيخ معارضة..لسنا خونة ولكننا نعيش في مدينة محتلة.”

دانا، طالبة جامعية أخرى تعيش في بيروت، أوضحت أنها تخشى على أهلها الموجودين في دمشق من أي فعل انتقامي من قبل “شبيحة النظام” في حال عدم مشاركتها في الانتخابات، مؤكدة على أن والدها الموظف وأخوتها الطلاب سيضطرون للتصويت خوفاً من المساءلة الأمنية، علماً أن الإدارات العامة التابعة للنظام السوري قد شددت على ضرورة التزام الموظفين بدوامهم في يوم التصويت، وهو ما اعتبره موظفون “رسالة تهديد واضحة.”


حملات الناشطين المدنيين ضد بشار الأسد 


تأتي ردود الأفعال هذه في أعقاب حملات أطلقها ناشطون معارضون على مواقع التواصل الاجتماعي تحت شعارات من قبيل “انتخابات الدم” و”سوريا تنتحب” و”وطي صوتك” والشعار ذاته للحملة الانتخابية للأسد “سوا” وقد شارك فيها عدد من الناشطين المدنيين داخل سوريا وخارجها وعدد من وجوه المعارضة والفنانين المقيمين في الخارج.

هذه الحملات التي تهدف إلى إظهار عدم شرعية الانتخابات التي يدعو إليها نظام “أمعن في ارتكاب جرائم ضد الإنسانية” استعمل بعض المشاركين فيها عبارات اعتبرت أن أي صوت في هذه الانتخابات هو بمثابة “رصاصة موجهة إلى الشعب السوري ومشاركة في قتل السوريين وتدمير بلدهم، وكأنهم “تناسوا” أن هذه الانتخابات “غير شرعية” ونتائجها “محسومة”، وفقاً لما أشار إليه ناشط مدني معارض يقيم في تركيا رافضاً الكشف عن اسمه، وأكد الناشط على أنه “هناك فرق بين مخاطبة الرأي العام للتشهير بعدم شرعية انتخابات يجريها نظام مجرم وتوجيه الاتهامات لأشخاص لا زالوا يدفعون ثمن بقائهم في سوريا تحت الحصار” وختم حديثه متهكماً “هل نعرف شيئاً عن انتخابات المعارضة ومدى شرعيتها؟! علينا أن لا ننسى أنه لم يطلب أحد منا المشاركة فيها وكانت نتائجها محسومة أيضاً.”

من جهة أخرى، وفي إطار حملة “انتخابات الدم” قام مجموعة من الناشطين المدنيين قبل ثلاثة أيام بتوزيع مناشير في بعض أحياء العاصمة دمشق كركن الدين والمهاجرين والميدان، وهي عبارة عن ورقة مطوية تحمل على غلافها صورة للرئيس الحالي بشار الأسد، فيما كتب في داخلها إحصاءات لأعداد الضحايا والمعتقلين والمهجرين والبيوت المدمرة منذ انطلاق الثورة السورية منتصف شهر آذار من عام 2011، كما تضمن المنشور عبارات “صوتك = دم شهيد، صوتك = تعذيب معتقل، صوتك = تهجير عائلة.” وقد تم وضع هذه المناشير في عدد من الأماكن العامة والساحات وعلى السيارات وأبواب المنازل في معظم أحياء دمشق، وفقاً لتسجيل مصوّر بثّه ناشطون على موقع “يوتيوب” تأكيداً منهم على “استمرار الثورة رغم كل شيء” ومواصلة الحراك السلمي ضد نظام الأسد.


عرس وطني.. ليس الأول من نوعه


هذا الحراك يأتي بالتزامن مع انتشار مظاهر الحملات الانتخابية للمرشحين الثلاثة، وبشكل خاص بشار الأسد، في مختلف المدن والبلدات التي تسيطر عليها قوات النظام، في مشهد وصفه الإعلام الرسمي بـ”العرس الوطني الديمقراطي.”

الجدير بالذكر أن قوات النظام وميليشيا اللجان الشعبية قد أرغمت المئات من المحلات التجارية في المدن التي ينتشرون فيها منذ مطلع العام الحالي على صبغ أبواب محلاتهم والجدران المحيطة بها بألوان العلم السوري الذي يعتمده النظام تمهيداً لهذه “الانتخابات” التي تجري للمرة الأولى في سوريا.

هذا “العرس الوطني” الذي يتباهى به الإعلام الرسمي اعتبره ناشطون معارضون اعترافاً رسمياً بعدم شرعية بشار الأسد في منصب رئاسة الجمهورية طوال أربع عشرة سنة ماضية، حيث كان يقتصر الأمر على استفتاء على ترشيحه فقط بنتيجة “كانت معروفة مسبقاً” على حد تعبيرهم.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق