الجمعة، 16 مايو 2014

السوريون في لبنان يفضّلون جعجع على عون في الاستحقاق الرئاسي اللبناني



في الوقت الذي يحضّر فيه النظام السوري لإجراء الانتخابات الرئاسية مطلع الشهر القادم يبدو السوريون، سواء كانوا معارضين أم موالين للرئيس الحالي بشار الأسد، واثقين من فوز الأخير في هذه الانتخابات على الرغم من التشكيك في شرعيّتها من قبل العديد من الجهات المحلية والدولية، لا سيما وأن الحل الأمني والعسكري الذي اختاره نظام الأسد في قمع الثورة التي اندلعت ضده منذ أكثر من ثلاثة أعوام قد تسبب بمقتل أكثر من 150 ألف سوري وتهجير أربعة ملايين شخص إلى دول الجوار فضلاً عن وجود أكثر من 200 ألف معتقل ومثلهم في عداد المفقودين.

الحملات الانتخابية للأسد، يصفها المعارضون بـ”الوقاحة” لأنها تقوم على أنقاض بلدٍ دُمِّرت أجزاء كبيرة منه، بشرياً وعمرانياً، وتقوم في وقتٍ باتت فيه سوريا مفتوحةً على عشرات الحروب القائمة على أرضها، وبوجود آلاف المقاتلين الأجانب فيها يقاتلون لصالح أحد طرفي الصراع أو تنفيذاً لأجنداتهم الخاصة، فضلاً عن أن مناطق واسعة من سوريا هي خارج سيطرة النظام، لذا يتركّز محور الانتخابات الرئاسية على نصرٍ بولاية رئاسية جديدة للأسد من قبل المؤيدين له ومحاولات التأكيد من قبل معارضيه على أنّه فاقدٌ للشرعية منذ الأيام الأولى للاحتجاجات المناهضة له، دون التطلّع لمفاجئات في نتائج هذه الانتخابات أو انتظار حلّ للأزمة السورية في الأمد القريب.


اللاجئون السوريون يترقبون الرئيس اللبناني الجديد


أما في لبنان، البلد الصغير الذي بات يضمّ أكثر من مليون ونصف لاجئ سوري، يراقب السوريون تعيين الرئيس اللبناني القادم بحيرة أكبر، وبشكلٍ خاص بعد فشل ثالث جلسات مجلس النواب اللبناني في الوصول إلى اتفاق بهذا الخصوص.

اهتمام اللاجئين السوريين بمنصب الرئاسة اللبنانية يختلف بالطبع عن اهتمام النظام السوري المعروف بمحاولات استمرار وصايته على لبنان من خلال حلفائه في الداخل اللبناني، ونظرتهم إلى الاستحقاق الرئاسي اللبناني ومرشحيه المحتملين يبدو بعيداً عن السياسة وأجواء التوتر الطائفي والسياسي الموجودة في لبنان، وإن كان أحد الاسمين المتداولين، رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، متعاطفاً مع الثورة السورية، فيما يعتبر الآخر، رئيس التيار الوطني الحر الجنرال ميشال عون، حليفاً قوياً للنظام السوري وحزب الله اللبناني الذي يقاتل إلى جانب قوات النظام داخل سوريا.

هذا الاهتمام يدخل في سياق التعاطي السياسي اللبناني مع الوضع العام للاجئين السوريين في لبنان ومستقبل هذا اللجوء، علماً أن الشخص السوري، أو الفلسطيني السوري، لا يتمتع بصفة اللاجئ وحقوقه في لبنان، كما لا يتم التعامل معه كأي مواطن أجنبي أو سائح.


اختلاف المواقف تجاه اللاجئين السوريين بين التيار الوطني الحر وحزب القوات اللبنانية


عقد مؤخراً أعضاء في التيار الوطني الحر مؤتمراً صحافياً في منطقة الأشرفية ببيروت، ترأسه الوزير السابق نقولا صحناوي والعضو في التيار الوطني الحر زياد عبس، بهدف مناقشة “خريطة طريق عونية للحد من مخاطر السوريين في الأشرفية”، وفقاً لما نقلته جريدة السفير بتاريخ 17 آذار 2014، وأوضح الصحافي سعدي علوه أنه خلال المؤتمر اعتُبرت الأبنية التي يسكنها السوريون بمثابة “ثكنات”، واعتُبر النازحون “مشاريع إرهابيين” و”قنابل موقوتة”، وبعض الحضور ذهب إلى حدّ المطالبة بـ”وضعهم في بيك آبات وشحنهم إلى سوريا.”

هذا الموقف من أعضاء التيار تجاه اللاجئين السوريين لم يكن الأول من نوعه بالطبع، ويندرج في إطار منهجية واحدة ورأي ثابت اتبعهما أعضاء التيار منذ بداية الثورة السورية، فوزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل لطالما ربط بين الإرهاب واللاجئين السوريين مطالباً بإغلاق الحدود في وجههم رافضاً “سياسة الأبواب المفتوحة”، مؤكداً على أن “”أن القضية ليست إنسانية واقتصادية ومالية واجتماعية وأمنية وسياسية ووطنية فحسب، بل هي قضية وجودية وكيانية للبنان ومكوناته كافة” وفقاً لما نقلته عنه جريدة النهار اللبنانية بتاريخ 10 آذار 2014، معتبراً أن “أكثرية اللاجئين السوريين هم من السنّة وعلى السنّة استقبالهم واسكانهم في منازلهم أما المسيحي فليس له علاقة بالموضوع” وفقاً لما أورده موقع بوابة صيدا الالكتروني على لسانه.

تصريحات مشابهة كان مصدرها رئيس التيار الوطني، ميشال عون، إذ قال بتاريخ 18 تموز من العام الفائت: “نحن لسنا بلد لجوء مجاناً وعندما نؤمن لهم العودة مع ضمانات إلى بلدهم لا يمكنهم الرفض”، وذلك في إطار حديثه عن المباحثات الجارية مع وزير المصالحة الوطنية السوري علي حيدر لإرجاع اللاجئين السوريين إلى سوريا تحت إشراف قوات النظام، “متناسياً” أن هؤلاء قد هربوا من قصف قوات النظام أو الاعتقالات التي يقومون بها، على حد تعبير أحد الناشطين المقيمين في منطقة الأشرفية، والذي طلب عدم ذكر اسمه.

هذا الموقف يتناقض حتى مع موقف الحليف القوي للتيار، فحزب الله اللبناني رفض طرد اللاجئين السوريين واعتبرهم “أخوة”، وذلك على لسان الأمين العام للحزب، حسن نصر الله، وذلك على الرغم من استمرار الأخير في إرسال عناصره للقتال داخل الأراضي السورية.

من جهة أخرى تبدو مواقف وتصريحات سمير جعجع أفضل بالنسبة للسوريين المقيمين في لبنان، إذ لطالما اعتبر أن اللاجئين السوريين هم ضحايا جرائم الحرب التي لا تزال قوات النظام ترتكبها، وحتى عندما طرح موضوع إعادة اللاجئين السوريين إلى سوريا لتخفيف الضغط عن لبنان اعتبر أن الحل يكمن في “إنشاء مناطق آمنة داخل سوريا بحماية دولية” وذلك خلال لقائه السفير الأميركي في لبنان ديفيد هايل في الخامس من شهر تشرين الأول الماضي.

كما أنه طلب من المنسق الخاص لمنظمة الأمم المتحدة في لبنان ديريك بلامبلي “تكثيف الجهود الدولية لمساعدة لبنان في إيواء اللاجئين السوريين ليقوم بواجباته الانسانية على أكمل وجه تجاههم،” نقلاً عن موقع النهار الالكتروني بتاريخ 17 كانون الثاني 2013.


تباين في آراء السوريين حيال الاستحقاق الرئاسي اللبناني.. لكنهم يفضلون جعجع على عون

فرح، لاجئة سورية مقيمة في منطقة عالية، رأت أن وضع اللاجئين السوريين في لبنان سيبقى “مزرياً” في شتّى الاحوال، واعتبرت أن لا شيء سيتغير “لا بالنسبة للسوريين ولا بالنسبة للبنانيين” بعد تعيين الرئيس الجديد.

أما الناشط المدني المقيم في بيروت، سومر الزيّات، فأبدى عدم اكتراثه بالأمر، مشيراً إلى أن سياسة التيار الوطني الحر تجاه اللاجئين السوريين والتلويح بطردهم لا يتجاوز أن يكون “تحشيداً للرأي العام.”

من جهتها فضّلت الشابّة سارة سمير جعجع “على الرغم من أن وصوله للرئاسة قد يتسبب بأزمة داخلية كبيرة.” وبرّرت خيارها هذا بأن “جعجع أفضل للسورين” مشيرة إلى أنه لا يمكن المراهنة على مواقف ميشال عون، لتختم حديثها بقولها “إن الاختيار صعب، فأحدهما قد يطردنا والآخر قد يتسبب بمشاكل داخلية ستؤدي إلى هروبنا من لبنان أيضاً، لكن إلى أين..؟!”

المعارض عمار محمد أكد على أنه لا يعوّل على أي تغيير سياسي في لبنان بسبب “انغلاق فئات المجتمع اللبناني على بعضها طائفياً ومناطقياً وارتهان المزاج السياسي للمجموعات وقادتها للخارج والحلفاء.” أما فيما يتعلق بالمرشحين لمنصب رئيس الجمهورية فقال محمد: “لا أحسد أصدقائي اللبنانيين على خياراتهم المحدودة بين مرشحين يواظبون على تأبيد الحرب الأهلية وظروفها.. هذا واقع لبنان” لكنه أبدى مخاوفه من تعيين رئيس “ينوي التشديد على حياة السوريين في لبنان، عون مثلاً.”


* نُشر هذا التحقيق في موقع الحل السوري

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق